الجمعة

بهائم

مرت أيام على التعديلات المشينة و لا أعرف لماذا يغشى الصمت و السكوت و السكون بعد الدوى الهائل لهذة الترقيعات أقصد التعديلات؟ أهو الخوف؟ أم أنه مجرد حدث و انتهى ككل الأشياء التى تحدث و تنتهى غير مأسوف عليها؟ أم أننا أصبحنا قطعان بهائم تساق الى المستقبل المجهول المليىء بالأحراش؟ لا رأى لنا و لا قرار. نعم هناك فراغ سياسى و غياب للهدف و انهيار الأحساس بالوطنية و الانتماء، و خيبة أمل و فساد فى القيادات. و لكن أيستحق الوطن منا كل هذا الجحود و النكران؟
لقد شاب الوطن الفتى على يد أبنائه. تمزق الشعور بالأنتماء و تقطعت أوصال الوطن و ألقيت الأشلاء فى كل مكان غير مأسوف عليه. كان وطنا مليئا بالحيوية قبل أن يتنكر له الأبناء و يبعوه بأرخص الأثمان. و تجد أشخاص يتحدثون عن المستقبل. أى مستقبل مشرق تتحدثون عنه و الواقع أسود؟؟ لقد أصبح المجتمع عاجزا. لا يقوى حتى على مجرد الكلام. أصيب المجتمع بجلطة أسفرت عن شلل تام
لم أعد أتعجب ممن يفتشون فى الماضى و يترحمون على البطولات بدلا من معالجة الحاضر المريض بمرض عضال و محاولة تحقيق واقع مناسب ، ناهيك عن الغرق فى الشعارات الزائفة كالعروبة و القومية- الله يرحمهم جميعا- تلك الشعارات الرنانة الطنانة التى غرق فيها الجميع شيوخا و شبابا و لا سبيل الى انقاذ اى منهم من براثن هذا الوهم، و ارتفعت الشعارات و الرايات و تكلمت الأفواه بكلمات براقة رفعت الهمم الى عنان السماء ثم ما لبثت أن تركتهم ليهوا جميعا الى أسفل السافلين . وتردى الواقع الذى نعيش فيه و فشلنا و ألقينا باللوم على الجميع دون أنفسنا و على الغرب الآثم الفاجر فنحن و بلا ريب حاملوا راية التقوى و الصلاح. فاذدهر الغرب الآثم الفاجر و تقهقر الشرق الصالح ووصل الى الحضيض. ومع كل هذا لم يحملوا أنفسهم مسئولية ما حدث و ما سيحدث
كلنا فاسدون. فاسدون لأننا رضينا بالذل و الهوان. فاسدون لأننا صمتنا على ذبح الوطن. فاسدون لأننا قبلنا الخضوع و الخنوع. فاسدون لأننا سكتنا عن الحق فأصبحنا شياطين خرساء. وتوارينا خلف الصمت المشين. رضينا بأن نكون مسيرين لا مخيرين رغم تكريم الله لنا بأن نكون مخيرين. فنزلنا من مراتب الانسانية الى تلك الكائنات التى لا حول لها ولا قوة. أصبحنا كما قال نجيب سرور
انا لتعجزنا الحياة
فنلومها .. لا عجزنا
ونروح نندب حظنا
ونقول: هذا العصر لم يخلق لنا
أو فى سطر أخر
قل بأن الناس قطعان بهائم
أو دمى عمياء
نعم نحن قطعان بهائم مسيرة و لم يتبق لنا الا الصمت بعد انتهاء العرض المشين وهذا حقا من شيم البهائم

ليست هناك تعليقات: