السبت

بدون عنوان

تقْضى الليل كله منتظرة. تلك الحالة التى تهلك النفس و البدن. حالةٌ أصابتها بالقلق و التوتر. يصبح الجسد كله على شفا حفرةٍ من الانهيار. يا لهذا الانتظار اللعين!! فكرت: أعرف تلك الأجواء الرمادية. حينما يحل القلق، يتقلص الوجه إلى درجة أقرب إلى الأنكماش. و تسأم الروح من كثرة الانتظار. فقط حين يُسمع الصوت. فتحل السكينة و يسمو الوجدان
و تتسآل: هل يعقل أن يمل الأنسان من كثرة الإهتمام؟
أشعر بنوعٍ جديد من الأهتمام. بى أنا فقط. لكنه أحيانا يبدولى كنوع من الحصار. نوع من التضييق و الخناق. لكنه الحصار اللذيذ و الخناق المحبب. ورغم ذلك: أجدنى أحثه على المزيد من هذا الأهتمام. أفسره فى أحيان أخرى بأنه نوع من الأحتواء: " يخاف على و يغار على و يهتم بى". لابد أن أقنع نفسى بهذا. لكن فى المقابل، أجده يتملص من إهتمامى به. لا يهتم بما أطلب منه كما أهتم بما يطلبه منى و يتحجج بالنسيان. لماذا لا أنسى أنا الأخرى؟ و اذا فعلت هذا- لا سمح الله- نتقلب الدنيا و يتهمنى بأنى لا أهتم به و لا أفعل ما يرضيه. لماذا كل شىء يدور حوله هو فقط ؟ و إذا عاتبته يرد بأننى لابد و أن آخذ الأمور ببساطة.
ما هذا الذى يحدث لها؟
لم أعد أملك نفسى و لا مشاعرى كالسابق. فقدت القدرة على التركيز و الرؤية. أصبحت أسيرة للوقت. أسيرة له. كنت أكره ذاك النوع من النساء الاتى يجعلن الرجل محور حياتهن.
أشعر أحيانا أنه يحبنى و أحيانا أخرى أننى ذلك القيد الذى لا مفر منه. يتجاهل عدة تفاصيل تسعدنى. تلك التفاصيل الصغيرة التى تشعرنى بكيانى و بأنى أهم شىء فى حياته. أهو تجاهل أم أنه لا يضعها فى اعتباره من الأساس؟ فأصاب بنوع غريب من الحزن. يتسلل إلى رغماً عنى. ويتمعن فى حياتى. ويقتادنى إلى أشياء لا أرغب فى الخوض فيها و إلى أماكن لا أرغب فى الدخول إليها. وكلما أردت أن أحدثه فى تلك التفاصيل. أجد نفسى أتراجع. لا أريد أن أخنقه. لا أريد أن أصبح ذلك القيد البغيض
فيما فَََكرتْ آخر الأمر؟
كنت كالبحيرة التى قذفت فيها أحجار كثيرة، فكدرت صفوها و تركت فيها دوائر لا حصر لها. لكن مع الغوص فى
أعماقها تجد فيها سكون كامل. فغصت فى أعماق نفسى على أجد السكينة و الهدوء. وطرحت القلق جانبًا. و قررت الأستمتاع. قررت ألا ألقى بالًا لما حدث. إن كان يستمتع فسأستمتع أنا الأخرى ولا أبالى. نعم، لا أبالى
هذا ما يردده على عقلى و يأبى ألا يقبله قلبى
وأخذت تردد وتردد وتردد
أحبك ملأ الوجود

الخميس

أفكر



أجلس على مقهى وحيدة. أشاهد الجموع تأتى و ترحل. كل منهمك فى عالمه. لم يعد أحد يشعر بالآخر. كل تقوقع فى ذاته. و سد على نفسه أى طريق للوصل. مازال الليل يتعافى من حرارة الشمس المهلكة. ومازال العباد يتوقون إلى إفاقة من حالة التوهان التى أصابتهم. كل يفكر فى اليوتوبيا الخاصة به. حيث العدل المطلق و الأنسانية و الأحلام المطلقة و الحريات
و أفكر أنا فى المصائب التى ابتليت بها البلاد والعباد. أفكر فى أن ما يحدث الآن فى بلادى لم يعد يثير الدهشة. أفكر فى العذابات التى تتزايد. وفى الفقر المدقع الذى وصلنا اليه. أفكر فيمن يحرر العبيد أمثالنا
هل ستنقشع الغمة قريبا؟
أفكر فى الأبدان المثقلة بالأحزان و بالأمراض أيضا. متى ستستيقظ الضمائر؟ وإلى متى ستظل الأفواه مكممة؟ متى تنتهى حالة الخرس الجماعى الأشبه بالوباء؟ هل من سبيل لأستعادة انسانيتنا المفقودة على عتابات الذل و الهوان؟ إلى متى سنظل شياطين خرساء ساكتة عن الحق؟ أين المخلصون للقيم و المبادىء فى هذا الوطن؟ وما كل هذا الظلم و القهر؟ كيف الخلاص مما حل بنا و أثقل كاهلنا؟ ومتى سنقتص من تلك الفئة التى تسعى فى الأرض فسادا ومن هؤلاء الذين يقتلون بدم بارد؟ كيف تنام ضمائرنا هكذا على ما يحدث من تعذيب و تنكيل و اهانة و قهر و فساد و ذل و ظلم؟ وماذا نحن فاعلون ازاء من يقضون على الآدمية التى كرمنا الله سبحانه و تعالى بها؟
ترى ماذا سيقول هؤلاء أمام الله؟ أم يحسبون أنهم مخلدون فى الأرض؟ وكيف سنتحمل نحن حساب الله على صمتنا الفاجر المشين؟ ما مصير الشرفاء فى هذا الوطن؟ أن يقتلوا؟ أن يعذبوا؟ أن يشردوا؟
أين القلوب الرحيمة؟
لما اختفت الضحكات والبسمات؟
لما أصبحت الوجوه مكرمشة؟
لما ضاع السلام و اختفت الطمأنينة؟
من سيجبر تلك القلوب المنكسرة؟

متى تحين ثورة العبيد- شعب مصر أذله الله بعد عز، بما كسبت يداه ؟ متى سترفع مصر رأسها من جديد؟
هل سنكتفى بدور المتفرج؟ هل سنظل كلابا مربوطة فى سلاسل تجرها الأسياد؟ هل سنظل إلى الأبد عرائس ماريونت يحركها الأخرون و لا تملك من أمرها شيئا؟
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم