الجمعة

نفسى 1


لماذا يحاول الجميع تغيير الآخرين؟ لماذا يجب أن نتحول جميعاً إلى أنماط متشابهة؟ لماذا لم أعد قادرة على حب الآخرين؟ لماذا لا يلتمس لى الجميع العذر؟ لماذا لم أعد سعيدة كالسابق؟ لماذا أصبحت أكثر صمتاً؟ لماذا أتحسر على نفسى؟ لماذا تخليت عن حسن الظن بالآخرين؟ لماذا يصبح الحب، فجأة، نقمة و ليس نعمة؟

أنا لست أنا. أشعر أن روحى ذهبت و أن عقلى تبخر و أن أحلامى أصبحت هشيماً تذروه الرياح. محتارة و مشوشة و أشعر أننى على درجة كبيرة من السوء لدرجة أننى لم أعد أتحمل نفسى. أكره تلك الأنا و أحاول ألا ألقى بالاً لها. تلك الأنا التى ستردينى إلى الهلاك المحتم إما فى الدنيا أو فى الآخرة. فقدت كل الأشياء الجميلة واحدة تلو الآخرى، كنت فزعة فى البداية ثم تملكنى اليأس و أحاطت بى الامبالاة. وفى النهاية لم أعد ألقى بالاً. لم أعد أهتم. هل أنا حقاً بهذا السوء؟ تعبت من الشكوى و لذت إلى الصمت، إتخذت منه بيتاً و مأوى. أصبحت قاسية القلب، بليدة الأحساس، كل هذا و لا أبالى. حتى الحب لم يعد يلين القلب و لا يطيب الجرح و لا يهدأ البال. سئمت ممن يحاولون تغيرى و إلغائى ووضعى على هامش الحياة، و سئمت التمرد أيضاُ. وسئمت الحرية و الكتب و الموسيقى و الألوان... سئمت الحياة برمتها. لم تعد الأشياء ذات طعم أو رائحة. أتوهم أشياء غريبة و أفكر فى أشياء أخرى لا معقولة.

أفكر: ماذا سأفعل بتلك النفس البالية؟

السبت

منفاى الكبير


يا ربِّ : إنَّ لكلِّ جُرْحٍ ساحلاً .. وأنا جراحاتي بغير سواحِلِ.. كلُّ المنافي لا تُبدِّدُ وحشَتي .. ما دامَ منفايَ الكبيرُ .. بداخلي ! "
(نزار قباني)