الاثنين

أبى 3

أناس يلبسون ثيابا بيضاء.تعلو ووجوههم بعض الحمرة. يتحركون فى خفة. بل ويطيرون أحيانا. نسمات دافئة تأتى من بعيد. حفيف أشجار. وزقزقة عصافير. أرتاح قليلا. لعل أوجاع الجسد تذهب بلا رجعة. تظهر أمى فجأة. أتسآل لما أراها كثيرا هذة الأيام. صدرى يؤلمنى. عيناى كليلتان. جسدى منهك. أسمع همس الرياح للأشجار. أغفو قليلا. أسمع صوتا أعرفه. توقظنى أمى. تبدو متعبة ومجهدة. عندما رأتنى وقد علا وجهى صفرة. قالت لى: لم لا تكون مثلهم. و أشارت إلى ذوى الوجوه المائلة إلى الحمرة. نظرت اليها فى يأس قائلا: أشعر بتعب شديد فى صدرى. مسحت عليه قليلا. زال الألم. بحثت عنها فى كل مكان. لم أجدها. نظرت إلى من بعيد وكانت تبتسم. ستكون بخير بنى

الأحد

زنزانة تضيق و تتسع


عندما قرأت هذة الرسالة انتابتى حالة من الحزن الشديد. وزادت لدى أسباب المرارة و التعاسة. وأصبح ضوء الأمل ضعيفا وازدادت قسوة الحياة أكثر. ربما تبكى أنت أيضا، ربما تنفعل و تغضب، وتلعن وتسب. كل هذا لا يهم. فما جدوى الانفعالات؟ و ما جدوى الغضب؟
تعليق شخصى منى
أخون صديقى و أخى أيمن نور وأنا أنشررسالته لى من داخل السجن ، فقد طلب منى ألا أنشرها ، بل أ، أمزقها ، لكننى لم أستطع ، عفوا أيمن اعذرنى أنا اسف جدا لابد من نشر الرسالة ، و لا أعرف ما الذى يمكن أن يحدث لك أكثر مما حدث سوى أن يقتلوك عقابا على هذه الرسالة و نشرها ، و لكن لابد أن يعرف الجميع ماذا يجرى لأيمن نور فى سجنه حتى ندرك جميعا ماذا يحدث بنا خارج سجنه ، هذه هى الرسالة التى أرسلها نور من زنزانته الضيقة لى فى زنزانتى الواسعة و أنا لا أملك لها تتقديما و لا تعليقاو لا شرحا و لا توضيحا و لا أى شئ

أخى الحبيب الغالى : ابراهيم عيسى كم أشتاق إليك ، ممتن لكل ما تكتب و تفعل و تتخذ من مواقف فى زمن اللا مواقف و الا شرف و اللا طعم و لا لون و لا رائحة

لا أعرف كيف أصف لك مشاعر من يفقد حريته ظلما ، و يشم رائحة هذه المعشوقة المفقودة و هى تتسرب إلى زنزانته كل صباح مخلوطة فى حبر و ورق صحيفة حرة و صادقة لا يمكن أن أصف لك يا إبراهيم حجم فرحتى و سعادتى و لهفتى و شوقى لأنتظار الإصدار الأول من الدستور اليومى ثم الثانى و الثالث و الرابع و كل يوم
شعرت يا صديقى بأن الجدارانشق عن نافذة للنور و الحب و الأمل ، و ربما يكون صدور الدستور اليومى هو الخبرالمفرح الوحيد الذى أستطاع أن يكسر الحصار و طرق قلبى و يعاود الطرق كل صباح

تصور يا صديقى إنى أبدأ فى حالة انتظار الدستور عقب صلاة الفجر ، حيث أجلس منتظرا وصولها فى العاشرة صباحا .. و فور رحلة الانتظار الطويل ، و فور وصولها هابطة من القبضان التى لم يهبط منها و من بينها شئ أحب إلى قلبى و نفسى من الدستور اليومى ، حيث أبدأ بمقالك الذى يضحكنى أحيانا إلى حد – أقسم لك يا ابراهيم إنى لم أبلغه منذ دخولى هذا الجب الرهيب –حتى إنى يوم قرأت مقال المستقبل ظللت أضحك حتى أصابت عضلات معدتى و فكى تشنجات أو تقلصات عضلية ظلت تصاحبنى حتى منتصف ذلك اليوم ، و قبله كان مقال المكرونة و قبله و بعده ، بل كل ما تكتب فأجدنى أقرأ و كأنى أسمع و أرى أخى العزيز الحبيب و هو يتحدث و يعبر بكل مهارته فى التعبير .طبعا لاأخفيك أنى أتنقل بين صفحات الدستور إبراهيم منصور ، هانى شمس ، الرائع جلال أمين ، محمد هلال و كم اتمنى يا ابراهيم أن ينضم إليهم أحمد النجار
فالناس بالفعل فى حاجة امزيد من الحقائق فى مواجهة جبال الزيف و الكذب ، فالرد على الأكاذيب الأقتصادية و الأنجازات الوهمية و أكثر ما يحتاجه جمهور الدستور فالناس يعرفون و يشعرو أنهم يكذبون ، كما يتنفسون لكنهم أيضا بحجة لأرقام و حقائق تؤكد لهم صدق ما يشعرون به

لقد نجحت منذ أول ابريل الجارى ان أسرب لمن اعرفهم فى هذا المكان من السجناء الجنائيين او السياسيين ان يستبدلوا إحدى الصحف اليومية الثلاث المسوح بدخولها – بحد أقصى 3 صحف- بالدستور .. و الغالبية استجابت ، و عرفت هذا من كشف الحساب الذىوصلنى ، كى أوقع عليه ، فعرفت من الأسماء السابقة ان معظمهم استبدل صحف ....... بالدستور و قد أسعدنى هذا جدا و بدأت أشعر أن هناك صلة بينى و بين بعض من هم معى فى هذا المكان منذ قرابة العامين ، و لا يمكننى ان أراهم أو يرونى .. فالأخوان هنا فى عنبرين ( 1 ، 2) و الجنائى فى عنبر (4) و انا فى عنبر بلا رقم ، أما عنبر (3) فهو خال لعمل إصلاحات به .. و لا أعرف لمن يعد عنبر (3) !! أتمنى أن يفتتح بالثالوث الرهيب. اخى العزيز رغم الوحدة و الحصار المفروض على – تحديدا – منذ شهر مارس 2006 فأننى بدأت أتعود ، حيث أقضى معظم الوقت فى قراءة كل ما يمكن ان يصلنى مهربا أو رسميا من الكتب، حتى أنى قرأت فى هذا العام يا ابراهيم ربما أكثر مما قرأته فى 41 عاما مضت هى كل عمرى .. و قد تكون الكتب القانونية و الدستورية و الكتب الطبية و دراسات علم النفس تحتل الأولوية عليها الأدب الذى حرمت منذ سنوات من متعة الأهتمام به ، فعوضنى الله بهذه المتعة عن الام عديدة تكالبت على بقسوة و غلظة فى العام الأخير .. الذى شهدت فيه قدرا من الغباء و القسوة و العنف و التنكيل ، لم أكن يوما اتصور أنه ممكن ان يحدث فى هذا الزمان أو أى زمان آخر

تصور با أبراهيم أن كل شئ فجأة أصبح ممنوعا – على فقط – الحركة ممنوعة ، أستلام طعام مدنى ممنوع ، الدواء ، زيارة الأطباء ، الحديث للسجناء ، أو حتى مشاهدتهم لى او مشاهدتى لهم ، الكتابة ، الزيارة للمحامين أو للأسرة فهى تحت الرقابة المكثفة ؟، تصور يحضرها يا إبراهيم ممثلون لجميع الأجهزة الأمنية من أمن الدولة للمباحث الجنائية لمباحث السجون ، لواءات يا صديقى يحضرون و يشهدون و يشاركون زيارة 0 أولادى ) نور و شادى لى ، و بمجرد أن تنفض الزيارة بعد 20 دقيقة يبدأ كل منهم يملى تليفونيا للجهة التى يتبعها تفاصيل اللقاء أو المؤامرة مسخرة يا إبراهيم و الله يا أخى مسخرة

و طبعا .. معى هنا حول فراشى ضابط مبحث و مخبر و عسكرى و سجان – 24 ساعة – يرافقوننى للحمام و منه للسرير و العكس و إحكاما للرقابة .. يرفضون تركيب باب للحمام !! الحقيقة يا إبراهيم بيتعبوا قوى معايا !! و الغريب أن لديهم يا صديقى حالة من الفزع المدهش و الغباء المفرط إلى حد أنهم يوم 4 /3 قرروا نقلى إلى مستشفى سجن ليمان طرة المجاور لنا لعمل أشعات على مفصل ركبيتى الذى تداعت حالته بفعل قلة الحركة ، و تضاعفت الأضرار مؤخرا من خشونة إلى تاكل فى الغضاريف غلى تأكل فى العظام و الرباط الصليبى ، حتى باتت ساقى اليمنى عاجزة تماما .. المهم عندما قرروا نقلى إلى الليمان و العودة خرجت معنا قوات من مكافحة الإرهاب و الشغب و عدد من اللواءات و المصفحات .. يمكن ان تحرر فلسطين !! المضحك انهم فشلوا فى رفعى للسيارة المصفحة فأحضروا سيارتى إسعاف !! و لم أفهم لماذا سيارتان .. و عندما سألتهم كانت المفاجأة و هى للتضليل تفاديا لأى محاولة خطف .. تصور كل هذا الهزل و الخوف و الجنون !! سببه الجنون القبيح يا إبراهيم .. أما اليوم 16 /4 الأخير فأنا معروض على أحدى المحاكم لنظر دعوى من تلك الدعاوى الهزلية ، حيث يدعى مواطن أننى حصلت منه على مبلغ نقدى ألف جنيه كى أسلمها لأحد أقاربه إلا أننى خنت الأمانة – طبعا – لأننى خاين !!
و بددت المبلغ على ملذاتى و شهواتى – طبعا ..لأنى ملذاتى و شهواتى خالص !! حلقة جديدة فى مسلسل الهزل و الجنون و العته .. مرة قضية لأنى ضربت اثنين فى وقت واحد فى محافظتين مختلفتين ، و الوقت تحديدا 12.3 ظهرا – يوم 7 /9 /2005 – و طبعا بالصدفة طلع اسم الضابط الذى حرر المحضرين هو النقيب أيمن أبو طالب،و بالصدفة طلع الكلام ده يوم انتخابات الرئاسة

الغريب هذه المرة أن القضية الملفقة اليوم ،من قاموا بها لم ينتبهوا أنى فى السجن منذ عام و نصف العام ، و السجن لا يسمح فيه بالفلوس !! تفتكر با ابراهيم ان هناك مجموعة من هؤلاء لا تعلم أنى مسجون ؟! يمكن !! عموما أشكرهم لأن خروجى سمح لى أن أكتب لك اليوم و أنا خارج الأسوار هذا الخطاب

أخى الحبيب أبراهيم : رغم المرض و مرارة الظلم و المهانة البشعة و شبح الموت الذى يطوف حولى فى الشهور الأخيرة ، فأنا داخليا لدى يقين من أن عدل الله قادم .. و نصره قريب .. أكثر شئ يحيرنى يا أخى الحبيب و أود أن أطرحه عليك فى هذه الفضفضة التى كنت بحاجة شديدة لها .. هو موقف النيابة العامة و النائب العام
أنا طبعا يا إبراهيم غير مندهش من موقف الداخلية ؟، و من الإصرار على منعى من العلاج ، و أقسم لك يا اخى أنهم يمارسون قتلى بالترك العمد ، و بدم بارد ، و بوجه مكشوف ، و لم يعد لديهم حتى الرغبة التى كانت فى البداية فى إخفاء نواياهم

و رغم هذا أنا أتوقع هذا من الداخلية لكن النيابة و القضاء شئ مريع و صادم و خطير جدا أن تسقط كل الأقنعة إلى هذا الحد ، مهما وصفت لك حجم التأمر و الأستعتار بالقانون و القواعد و عدم الإهتمام بالفضيحة التى يتورطون فيها كل يوم معى . و يكفى ان أقول لك أن النيابة احتجزت كل أوراقى و ملفاتى الطبية منذ شهر أغسطس 2006 ، بدعوى دراسة الإفراج الطبى عنى ، مما وفر سببا قويا للداخلية لمنع تقديم أى بلاغ لى ، أو زيارة أى أطباء بدعوى أن الأوراق فى النيابة
و عندما رفضوا رسميا الإفراج الطبى فى 25 /1 /2007 رفضوا حتى الآن رد أوراقى الطبية ، و بالتالى علاجى ، أو حضور أطباء لى ، أو حتى دخول أطعمة لى منذ 25 /1 و حتى اليوم 14 /6 ، كل يوم أكتب شكوى و يحضر وكيل نيابة و ينتهى الأمر كل يوم إلى لا شئ
منذ عامين ومنذ صدور جريدة أمانة السياسات كل أسبوع أحرر بلاغات سب و قذف ضدها و يتسلمها النائب العام ، حتى بلغ عددها قرابة 124 بلاغا .. و لم يفعل أى شئ لم يطلبهم حتى للتحقق فيه كده يا إبراهيم ؟ أتصور يا إبراهيم – إذا قدر اله لى عمرا – أن أتبنى شيئا مفيدا لإصلاح مصر لابد أن تكون البداية بمواجهةدولة التعليمات و التليفونات وأراجوزات الأبن فى كل المواقع من الصحافة للأحزاب و إذا قدر الله ولم أخرج حيا فدمى فى رقبة هؤلاء – قبل كبيرهم
مهزلة أخرى هىما يفعله فتحى سرور معى – و حتى الآن – الرجل مازال مصرا على ألا يسلمنى ما يفيد بموعد رفع الحصانة عنى ، و بالخطاب الذى تسلمه وزير العدل و النائب العام برفع الحصانة عنى محددا فيه موعد الأستلام حجة الرجل غريبة و عظيمة جدا ، فهو يقول إن أستلامى هذه الأوراق يعنى أنى سأتقدم بطلب لإعادة النظر و أخرج من السجن !! و غريبة ، فهل مهمة فتحىسرور أن أظل فى السجن ؟
تصور يا ابراهيم إنه رفض فى 2 / 10 /2006 ان يسلم جميع ملفى الطبى عن 10 سنوات فى المجلس .. و عندما حررت محضرا فى نيابة قصر النيل ضده سلم الوراق للنيابة – نيبابة وسط - فأرسلتها إلى نيباة جنوب ،ثم ضاع الملف و لم يتسلمه الطب الشرعى و لم أعلم بهذا إلا بعد أن أصدر قراره برفض الإفراج عنى!! ما هذا الذى يحدث ؟
هل إلى هذا الحد هؤلاء الناس بلا قلب أو ضمير أو شرف خصومة ؟ طبعا .. يا إبراهيم قد تتهمنى بالسذاجة ، و ربما العته .. لكن الحقيقة اننى كنت دائما ـصورهم بشر بلا قلب أو ضمير ، لكنى اكتشفت انهم – أصلا – ليسوا بشر
أخى الحبيب : السجن محنة .. لكن الظلم بهذا الفجر كارثة أكبر من طاقة البشر عل الأحتمال ، أحيانا أسأل نفسى يا إبراهيم : ليه بيعملوا مع كل هذا ؟! و بالأصح ما هو مصدر هذه الشجاعة المتناهية فى الأعتداء على – حتى فى سجنى – و محنتى و مرضى و فقرى و وحدتى ؟!
أحيانا أشاطر نفسى و أقول هذا شعور منهم بقوتى و فضل من الله .. و فى معظم الحيان بيتملكنى شعور بأنهم على ثقة أننا لن نلتقى أبدا ، و من هنا يفعلون كل هذه ، بكل هذه الشجاعة و البجاحة ، و فى أحيان أخرى يتملكنى شعور آخر بأنهم لن يسمحوا أبدا بخروجى حيا لأنهم يعلمون جيدا ما فعلوه و يفعلونه لن أروى لك مثلا ما يفعلونه من عون مالى و رعاية و دلع مع المخبرين و المرشدين الذين أستأجروهم لتلفيق هذه القضية ( تزوير التوكيلات ) ، حيث يتم احتجازهم فى غرفة خاصة بمستشفى سجن ليمان طرة المجاور و يعاملن و كأنهم أبطال
لا أملك يا إبرهيم سوى ان اقول : حسبى الله و نعم الوكيل ، اللهم إنى مغلوب فانتصر لى و لكل المظلومين و المقهورين فى هذا الوطن

ابراهيم عيسى

شعور 3

أهرب داخل نفسى
أهرب من صخب المدينة
ووجوه البشر
ومن الوجوه المكرمشة
فلا أجد إلا سواد
فراغ تلو الآخر

دون نقطة نور

وكشر الموت عن أنيابه
أعلن سقوط النفس
فى بحر الهوى اللجى
ودخول العقل زنزانة الماضى


لكن الراحة قادمة
مهما طال الزمن

السبت

أبى 2

أجد نفسى متجولا فى الجمالية. والحارات تضيق على أكثر و أكثر كلما توغلت بداخلها. أقابل وجوها أعرفها. وأخرى أتصور أنى أعرفها. أرى فى الطريق شبحا. يتحول إلى رجل فى النهاية. فأقول لنفسى أنى أعرفه و أنه يتحتم على أن أسلم عليه. يختفى اختفاء سريعا. يظهر الرجل ثانية أحاول الوصول إليه. أفلح هذة المرة. أعانقه و أسأله عن أحواله. يسألنى ما الذى أتى بك إلى هنا؟ ينعقد لسانى و لا أرد. تظهر أمى . شعرها أكثر بياضا عن ذى قبل. شاحبة الوجه. تتوكأ على عصاة. أهرول ناحيتها. تسبقنى رغم عجزها عن السير.تتوقف فجأة و تقبلنى. وتبتسم. لم تلح على بالذهاب معها ككل مرة. أودعها. ثم يضيع صوتى

الأربعاء

شعور 2


حتى الكتابة لم تعد مجدية
ولن تنصف أحدا
وخصوصا أنا


لن تنجح فى تبديد الألم
و الشعور الدائم بالوحدة
التى تلقى بظلالها السوداء على


لن تنجح فى تحقيق الآمال
و الأحلام الضائعة
لن تنجح فى ترسيخ القناعات
ولن تزيل آثار الهم
أو الشعور بالضياع
أو الحزن البادى على وجوه الخلق
تلك الوجوه المتعبة
الواهنة
الذليلة


لن تنجح فى تبديد العتمة
أو ظلمة النفس
أو خواء الوجدان


لن تجح فى اعادة تخليق روحى ووجدانى
لن تنجح فى ازالة شعورى بالتعاسة
أو فى استعادة هويتى

من أنا؟
سؤال لم و لن أفلح فى الاجابة عليه
لعلى أجدها

قريبا

الاثنين

شعور 1

داهمنى شعور بالكآبة
لم أستطع التخلص منه
تسلل الأكتئاب إلى نفسى
و إلى روحى
كرها
لا طواعية ككل مرة


أبحث عن الهدوء والسكينة داخل نفسى
أبحث عن مهرب
أى هروب هذا؟
إستمعت الى موسيقى الطبيعة
همسات الرياح
حفيف الأشجار
وحلمت بأماكن أخرى
وملامح بشرية مختلفة
أنسجها
أحسها
وألمسها


لكنه مجرد هدوء نسبى
فعدت كرها إلى طوفان البشر
بصخبهم
بعاداتهم المستفزة
بطيبتهم
عدت الى زحام المدينة
أبحث عن نفسى التائهة
دون جدوى

الأحد

أبى 1


رأيت فى المنام أمى الراحلة تمد يدها إلى بتصميم. شعرها أبيض و مسدل على كتفها. وعلى وجهها ابتسامة. وتقول: تعال بنى. لم أذعن لها ككل مرة. لم أذهب

السبت

عن مواطن إسمه منعم


هل تعرف معنى كلمة القهر؟

هل تعرف معنى كلمة الذل؟

ألم تكن تستطيع ان تصف ذلك الشعور بالقهر والذل


أن تشعر بالقهر فى بلدك والذل فى موطنك


هل تعرف معنى كلمة وطن؟

هل أحسسنت بها؟؟

هل أحسسنت بحبه لك؟؟

بلد تقسوعلى أبنائها

تماما كأم تقسو على أولادها


هل نجحوا فى جعلنا نكرهها؟

هل نجحوا فى جعلنا نتمنى تركها؟؟


مقدار ما من الذل والقهر تتجرعه الآن

مقدار كبير على مثلك

أصعب شيىء أن تشعر بالذل والقهر فى بلدك

إنه مقدار الذل والقهر الذى يتجرعه كل مواطن

ذل وقهر يبدأ منذ وعيه

ربما يموت وهو يعتقد أن الذل والقهر شيىء طبيعى

يموت وهو لا يتخيل أن هناك بلد بدون ذل وقهر

يموت وهو لا يعرف أن هناك أشياء تسمى حقوق

أنت الآن فى معتقلك

أن تشعر و كإنك تغتصب ولا تستطيع أن تقاوم

رغم أنك غير مقيد

إنه الذل والقهر

لازلت أذكر ذلك الشعور

كنت أتمنى أن أقضى على كل شخص فى تلك البلد حاول ولو مره أن يذل

مصرى

كلمة إضطهادهل شعرت بها؟

ربما تشعر بها الآن

أشعر أننا مضطهدون

جميعنا مضطهدون

مسلم ، مسيحى مضطهدون

ذل وقهر وإضطهاد

أصبحنا بقايا إنسان

أشباه البشر

.. ما أنت فيه لا يقال عنه إلا البطوله

أحس الآن معنى أن تكون مصرى

لكنها بلدى موطنى

أعشق زحامها ،قلة نظافتها ،رائحتها

كل شيىء فيها تماما مثلك

محمد الطاهر

الخميس

ما كان .. و ما سيكون



-أ-
هى تحبه كثيرا. تعرف ذلك الشعور. ذلك الألم اللذيذ المحبب. و أنى لها بالهروب من ذاك الشعور الدافىء و البارد فى الوقت ذاته. تحبه كما هو. كيف يمكن أن تتركه بعد أن غمرها الأحساس الجارف؟ هو أجمل شىء حدث فى حياتها. لكنها تندم كثيرا على اندفاعها و بوحها بحبها له. مشاعرها وصلت مرحلة الغليان. لم يعد مجديا الكتمان. أتصدقنى حينما أقول لك بأنى لم أفعل هذا من قبل؟ تستغرب نفسها. كيف أعترف بحبى هكذا دون أن أكبح جماح نفسى ككل مرة؟ التقت روحها معه. هل سأغفر لنفسى تلك الذلة؟ أحبى له خطيئة؟ لا أعتقد. أم أنها كرامتى التى أخشى عليها من الاهانة؟ لا أعتقد. أم أنه فراغ.. أو هروب؟ ما أجمل هذا الهروب


-ب-
هو يقول أنه بحبها كثيرا أيضا. نعم هى من أريد. همست روحى لروحها. وسرت الهمسات فى الكون الواسع. شكوت لها سأم روحى و برودة قلبى. فكانت كالبلسم الذى داوى جروحى. و لكن لما تشعر دائما أنى لا أبادلها الشعور؟ ليتنى أعرف ما يدور بداخلها. إنه الخوف الذى يسيطر على كل شىء. فيفتت الفرحة و يبدد الشوق. كان يمكن أن تجد انسانا أفضل منى و لكنها تتشبث بى. أحب ذلك التشبث. هى تقول دائما أنه سيتركها. كيف تفكرين فى هذا؟ أنت من أنقذتى روحى. هل أرحت ضميرى عندما قلت لها بأنك ستكونين زوجتى و أم أولادى؟ هل أراحتها تلك الجملة الموجزة؟ أشعر أن ذلك الإلحاح يخنقنى. لكنه محبب الى نفسى. عندما تغيب عنى فترة. أشعر بحنين جارف و شوق لا حدود له. أتلهف للحديث معها. رغم أنها لا تتحدث مثل السابق. الاوقات السعيدة تمر سريعا. بعدى عنها يقتلنى. هى فى بلد و أنا فى بلد أخر. تفصل بيننا حدود و مسافات شاسعة. يجب أن اعترف بأن حبى لها يشغل حياتى
-ج-
أدمنت الحديث معه. تشعر أحيانا أن ما بداخلها ليس حبا و لا هياما بل مجرد إدمان. تعودت على وجوده. أشتاق اليه كثيرا عندما يغيب عنى. لماذا أشعر بأنه سيتركنى؟ لماذا أنتزع منه الكلمات عندما نتحدث عما سيفعله فى المستقبل أو عن نهاية تلك العلاقة؟ أهو الخوف من فقدانى اذا ما عرفت الحقيقة؟ أشعر بالذل والقهر عندما يكثر الحنين عندى و الحب و لا أجد ذلك عنده. أندم كثيرا على اعترافى بحبى له. هو يعرف أنى لن أجرؤ على تركه. ما هذا الذى أقوله؟ أهو التشاؤم؟ أم أن جسدى وقلبى لم يعدا يحتملان السعادة و الحب؟ أعاتبه كثيرا. أعرف أن كثرة العتاب يبعث على الرتابة و الملل. تسأل نفسها كثيرا: لماذا يحبنى؟ تتذكر اجابته: مثقفة و صادقة. أعرف أنى لست بالجميلة. فما نفع المواهب دون جمال؟ وهل الثقافة ترضى الرجال؟ هل تضمن بألا تقترب أخرى منه؟عرف قبلى كثيرات. كلهن جميلات. عندما رآنى لم يقل أنت جميلة. فقط وجهك طفولى برىء. ما هذا السيل الذى لا ينقطع من الأسئلة؟ فليتوقف اذا قليلا حتى يعرف النوم الى عينى سبيلا


-د-
هل حقا أحبها؟ أم أنه الفراغ؟ لا. لا ليس هذا بفراغ. هى مختلفة عن كل من قابلتهن. عندما أكون معها تتبدد الحيرة. يتغير الكون. و تشرق روحى. و يسمو قلبى. و أطير فى الفضاء الواسع. مشاعرى تفيض معها. وقلبى يقطر عشقا وهوى. ما يمنعنى من الزواج بها اذا؟ الزواج مكلف. أنا غير مستعد لهذا. و مسافات تفصل بيننا. أمقتنع أنت بتلك الحجج؟ لا. لا إنها الحقيقة
-ه-
نفس الكلام. شوق. لهفة. حب ثم اصطدام بالواقع المرير. هى تحبه وتجد فيه السلوى. هو يحبها و يجد فيها الخلاص. هى مستعدة لتحارب من أجله. وهو يصدمها بالواقع. يتصارع العقل و القلب. لمن الغلبة؟ ضاعت البهجة. وتبددت الاشواق. أصبحت الأحاديث مجرد ذكرى جميلة. فى طى النسيان بل تقبع فى متحف النفس و لا تجرؤ على الطفو على السطح. هى تعرف تلك النهاية. هو ينتظرها. سأمت منه. مل منها. كم هى قليلة أوقات البهجة و كم هو مؤلم الواقع الذى نعيشه أو أجبرنا على أن نعيشه. وفرقنا البعد. و باعدت بيننا المسافات . و لكن

تقول: لماذا تذكرنى بغد لا أراه معك؟
أقول: لأنك احدى صفات الأبد

الشعر لمحمود درويش

الاثنين

ليه بس كده يا مصر



رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا

الحرية لعبد المنعم محمود
ويا ريت كل الاخوان زي منعم
التقيته للمرة الأولى في يونيو 2005 حيث قمت بترجمة لقاء أجرته معه قناة بي بي اس. رأيته بعدها مرات عدة في مظاهرات ومؤتمرات متعددة الهوية وان جمعتها معارضة النظام، ولكن لم نتبادل حديثا قط. بدون اتفاق مسبق لعب الموبايل الدور الأكبر في بناء الثقة بيننا. لم يكن منعم قد بدأ التدوين بعد. أبعث اليه رسائل قصيرة عبر الموبايل عن آخر الاعتقالات ومؤتمرات كفاية، فيقوم بنشرها دون أن أطلب منه. وبالعكس، يوافيني برسائل قصيرة عن أخبار اعتقالات الاخوان فأعيد ارسالها الى هواتف النشطاء والاعلاميين والحقوقيين دون أن أقول له شيئا. وبالطبع لا أسلم من الانتقاد - لماذا تروجين للاخوان من هاتفك المحمول؟ هل جننتِ؟
ظلت علاقتنا هكذا عملية، مخلصة، غير مباشرة.. ولكن مع الوقت، والانتخابات الرئاسية ثم البرلمانية، وصدامنا - كل في طريقه - مع قوات وأجهزة أمن النظام، نما لدي احساس أن منعم هو “جيلي“.. يمثل مصر قدر ما أمثلها.. وأن له في قلبي مكان خالد عبد الحميد أو شرقاوي رغم أني لا أعرفه عن قرب.. وحين تم اعتقاله في مارس 2006 وجدتني أبكي.. ظللت على اتصال بزميلته ايمان عبد المنعم التي وافتني أخباره أثناء الاعتقال.. من أصعب المواقف التي مرت بي حينها اجراء مقابلة صحفية حول جماعة الاخوان مع لواء أمن الدولة السابق فؤاد علام في بيته بالمهندسين.. من الصعب جدا أن تلتزم الموضوعية - وليس الحياد - وتخفي مشاعرك أمام اللواء فؤاد علام وهو يتحدث عن التنظيم الارهابي السري للاخوان وخطرهم على أمن المواطنين بينما عبد المنعم محمود، الواد الاسكندراني المصري الجدع أبو مخ نضيف، في السجن
ذات مساء بينما أقود سيارتي في ميدان التحرير دق هاتفي برقم مجهول.. عادة لا أرد في مثل هذه الظروف ولكنه ما حدث.. جائني صوته قويا مبتهجا “أنا خرجت من السجن النهاردة ومن هنا ورايح دي هتبقى نمرتي، سجليها عندك.. هأسافر اسكندرية دلوقتي أطمن أهلي وأطمن عليهم وأرجع مصر (القاهرة) بعد بكرة”.. صرخت من الفرحة وبعدما قفلت السكة بكيت.. شاب أطلق سراحه منذ ساعات قليلة سيرى أهله مدة 48 ساعة فقط ويعود لدوره في التنظيم.. مش محتاج وقت.. مش محتاج يفكر.. مش محتاج يراجع نفسه.. وفي نفس الوقت مش دجمة، مش مغيب، مش جزء من القطيع.. صوته فرحان، مطمئن، وبخير.. تمنيت نفس الثبات والهدوء والوضوح للشباب الليبرالي والقومي واليساري والفرط
أنا إخوان
بدأ منعم التدوين في اكتوبر 2006.. عنوان مدونته جاء صادما، عنيدا، معترفا بتهمته الأزليه فخورا بها.. ذكرني بمشهد اعتقال نبيلة عبيد في فيلم الراقصة والسياسي حين قررت الراقصة نشر مذكراتها لفضح الفساد السياسي في مصر فلفقت لها أجهزة الأمن تهمة ارتداء بدلة رقص فاضحة.. لحظة القبض عليها قال لها الضابط “مش تخشي الكباريه تغيري هدومك يا مدام؟” ردت “لأ يا باشا أنا أحب أفضل لابسة التهمة بتاعتي” ن
في “أنا اخوان” أثبت منعم أن الاخوان ليسوا مجرد أرقاما تكتب وتردد بجوار كلمة “معتقل”.. رأينا من خلاله جيلا من الاخوان، اختلفنا معهم أو اتفقنا ولكننا رأيناهم لأول مرة كأفراد.. يتحدثون عن مشاكلهم ورؤيتهم ويختلفون مع بعضهم وينتقدون مسئوليهم وقياداتهم كما ننتقد نحن بيانات كفاية أحيانا ونختلف مع قياداتها.. وبدأ الاخوان في التدوين، والتعليق، والرد.. ولعل من أفضل ما كُتب هنا مقال مارك لينش الذي نشر في الجارديان تحت عنوان اخوان التدوين
نقلا عن: نورا يونس www.norayounis.com

الجمعة

أسياد وعبيد


-أ-
شاب وسيم. طويل. ملامحه تنوء بالعز. يمشى متمايلا. مختالا. تظهر عليه بعض أعراض النرجسية. نظارته الشمسية تزيد من غموضه. يأمر و ينهى. ما أقسى حكم النفس على النفس. يتعامل بوحشية مع من هم أقل منه. كأن الفقر معرة و جريمة لا تغتفر. ترسخت لديه عقد أسرية و مجتمعية. عقد زادت من قسوته وسوء معاملته. ينظر نظرة دونية الى الجميع حتى أقرب الناس اليه. كأنه الملك الاله. فالجمهور عنده و الفقراء على وجه الخصوص حيوانات من طينة أخرى. طبقات دونية لا تستحق الحياة. ينظر نظرة فاحصة فى المرآة. أنا ولا شك الأعلى. أنا المتحكم فى جميع الأمور. أنا السيد

-ب-
كيف لى أن أشاهد و أسمع كل هذا و لا أتحرك؟ نحن حيوانات. كيف أرى كل ذلك العذاب و لا أتكلم؟ أين ضاع صوتى؟ يخاف من مجرد الألتقاء بأناس حتى ولو على سبيل الصدفة. فما بالكم بالتحدث معهم. ترسخت لديه أسباب الخوف والعداء من كل ما هو متحرك. لم يصدق أن هذا حدث له بالفعل. ليس حلم و لا أوهام. لم يصدق أنه أهين و ضاعت كرامته على عتبات السادة. سمعه يقول: أنا السيد يا كلب. أنت جيفة و لا تسوى. ونزلت عليه اللكمات و الضربات من كل مكان. أرجل تركل و أيدى تضرب دون هوادة. لم يعد يتبقى فى هذا العالم إلا القسوة. نعم. عالم مليىء بالأقذار. حتى المعاناة خاف من الافصاح عنها. أشباح تحاصره فى كل مكان يذهب اليه. ليست مجرد وساوس. أعرف هذا. نعم. انتهت المحنة و لم تنتهى التبعات. زلزال رج حياته و مازالت التوابع تقضى على ما تبقى منها. إلى متى ستظل الأفواه مكممة؟ إلى متى سيظل الصمت هو سيد الموقف؟ نعم آمنت الآن بأنك السيد

-ج-
يخرج السباب من فيه طوال الوقت. شتيمة هنا و أخرى هناك. ألف الجميع تلك التصرفات الوقحة. أصبح الواقع يزداد سوءا يوما بعد يوم. و لا مانع من ركلات و لكمات. مباراة من طرف واحد. يفتك السيد فيها بالعبد. فيشعر بمنتهى اللذة و النشوة. و يرجع الى البيت منهكا. فلقد بذل بالفعل مجهودا عنيفا. سهرات. ضحكات. سمر. كأن شيئا لم يحدث. و لا مانع أيضا من أداء فريضة العشاء. كيف تنام الضمائر هكذا؟ و التضرع الى الله و طلب التوفيق و العون منه سبحانه !! ليكتمل مسلسل الانفصام الذى يعيش فيه كثير من الأسياد. يأوى الى الفراش. ينام بمنتهى السهولة. دون منغصات. دون حبوب نوم . لا وخز ضمير. لا تفكير. و لا محاسبة نفس. لا أعرف من أين يأتون بهذا النوم السريع. لعلى أجده فى يوم من الأيام. يستيقظ اليوم التالى بكل نشاط وحيوية. نعم. هذا و بحق شيم السادة الأتقياء الأنقياء. ذوى الضمائر الحية !! يمشى مختالا فخورا. فخر للأرض أن يطأها رجل مثله. تغلق له المحال. و يؤخذ الناس من الطرقات. فلا تسمع لهم همسا. لقد جاء السيد يا أولاد الكلاب

-د-
أصبحت الحياة و الممات سواء. طرقت أبواب الأطباء. لأداوى جسدا عليلا و نفس أكثر علة. لا حل سوى الهروب. نعم سأرحل الى الخارج. بيدى لا بيد غيرى. أهاجر الى مكان آخر أبحث فيه عن انسانيتى لعلى أجد روحى التائهة. أمشى فى الطريق منكس الرأس. خفيض العين. لا أبادر بألقاء السلام و لا أرد على تحية. تقوقعت داخل نفسى و بنيت حولى الحوائط و الأسوار الشائكة. فلم أعد سهل الاختراق. فإضطر الجميع الى نبذى. أصبحت وحيدا و أنا المحاط بالأهل و الأصدقاء. أصبحت ذليلا منكسرا و أنا حفيد الأبطال. كفرت بالحياة و أنا الشاب فى مقتبل العمر. فكيف السبيل الى الخلاص؟ و أنا مجرد عبد؟


على الرغم من إنتهاء العبودية والرق فلا زال هناك الكثير من العبيد منكسى الرأس فى بيوتهم و أوطانهم. هناك الكثير ممن يشعر بالذل و الهوان و الانكسار. هناك أجساد تلقت الاهانة فى صمت. وهناك من أعلى الصوت و كشف المستور. أيهم أفضل؟ العبد الذليل أم العبد الثائر؟ كلاهما سيلقى نفس المصير. لكن الثانى يسرع الخطى إلى حتفه. وأسفاه. ووطناه

فوزى و فوزية


الفارق بين فوزى و فوزية فى مجتمعاتنا أن فوزى عندما يقرر الزواج يخرج من بيته و يطلب من قد تحبها نفسه و يتزوجها وقت أن يشاء. وفى المكان الذى يختار و بالطريقة المناسبة له. و لكن عندما تقرر فوزية الزواج فكل ما يمكنها القيام به هو الأنتظار. انتظار أن يأتى الرجل الذى يمنحها هذة الفرصة. أن يتزوجها. و بالتالى من الخطأ القول أن فوزية تقرر الزواج. و لكن الدقة اللغوية تجعلنا نقول أن فوزية تتمنى الزواج أو تحلم بالزواج وهذا أقصى ما يمكن قوله عن فوزية. يوسف القعيد -البكاء المستحيل


لو انتظرت هذا الرجل لمضى عمرى كله و أنا أنتظر. و أعتقد أنى سأنتظر

الأحد

لا تدعوا الهوى


-أ-
ترفع رجلها عاليا. تدور فى خفة و رشاقة. تترك الأنغام تهدر فى سكون. سوناتة بيتهوفن الرابعة عشر. ألفها عندما فقد الحبيبة الى الأبد. ابنة القصر و الجاه و السلطان. وهو ابن العوام. رغم الموهبة و الشهرة. عقد وأمراض أصيب به المجتمع آنذاك. تسمع بكاؤه. تشعر بعظمة حزنه و ألمه. تجلس وهى تستمع بأهتمام الى الحركة الأخيرة. حركة الاأمل. حركة الحزن الأبدى. تجفف عرقها. تتنهد بعمق. تغلق المسجل
-ب-
تستيقظ مندهشة. كم لهذا الحلم من غرابة و قداسة فى الوقت ذاته!! الأميرة الحسناء تدلى شعرها الذهبى الطويل. لتنقذ الحبيب. تقول بصوت عال لا يخلو من القلق: لا تنظر ورائك. تتذكر أمر الله لسيدنا لوط بألا ينظر ورائه. تعترف بداخلها أنه أمر صعب للغاية. كم لهذا الرجل من ارادة قوية. تعشق الحكايات و القصص منذ الصغر. تقرأ لها أمها فتبدأ فى طرح الأسئلة. أسئلة بلا توقف و بلا إجابة. أهو أمر بعدم النظر الى الوراء ونبش الماضى و التطلع الى المستقبل؟ ممكن. تنفض الأسئلة عنها و تقوم. رائحة جميلة تغمر البيت. و نسائم الصبح الندية تهدر فى سكون. تستمع الى موسيقى الكون. رياح خفيفة تداعب أوراق الأشجار فى رقة و حنان. و تتمايل الأشجارطربا و نشوة. عصافير تغرد. و الشفق يغمر الكون بلون أحمر قانى. لتتمخض السماء أخيرا عن شمس الصباح الطرية. هواء منعش. مع برودة خفيفة. لكنها محتملة. لم يستيقظ أحدا بعد. لو نامت البشرية الى الأبد. مع استيقاظ البشر. تختفى موسيقى الكون و أسراره. إلا لمن يلحظها. أهمل الناس الطبيعة. ففقدوا السكون و الطمأنينة. يبحثون عنه - ذلك الشىء اللامرئى- فى كل مكان و مع كل شخص. تبدأ بتدريبات خفيفة. نفس الموسيقى. نفس الشعور. حزنه يطغى على المكان. تتذكر ما حدث لها. رغم المقاومة. تدمع العيون. ويغشى الصمت المكان


-ج-
اليوم مهم جدا. يوم اظهار البراعة أمام لجنة التحكيم. تكوى الفستان بعناية. هل سيحضر اليوم أم لا؟ سيل آخر من أسئلة لا ينقطع. تضع عوائق و مصدات لعل السيل يتوقف قليلا. تضع المكياج بدقة. كانت قد قصت شعرها. لا تتحمل خصلات الشعر تسقط على وجهها. وجه صغير و نحيل. باهت الى حد ما. تتأمل ملامح هذا الوجه. قسماته تنضح بالقلق. تسمع صوتا بداخلها يقول: لا تنظرى الى الوراء. نعم. لن أنبش الماضى. و سيمضى اليوم فى سلام
-د-
نفس الموسيقى. لكنها اليوم تتخلل المسام. تنفذ الى الشعور و الوجدان. و تتحقق أخيرا موسيقى الكون البديعة. لم يعد للماضى وجود. لم تعد هناك جدوى من النظر الى الوراء. تتذكر الأبيات البديعة
يا أيها العشاق
لا تدعوا الهوى
من قبل أن تجربوا الفراق
كم للحب من قداسة. وكم للفراق من ألم. أداء بديع و لا شك. تشعر بخفة الجسد. و بثقة لا حدود لها. لم يعد يهم رأى الحكام فيها. تتوقف الموسيقى. و يتوقف الاحساس. و يسكن الجسد



**الابيات البديعة للفارس نجيب سرور**
Beethoven composed the famous Moonlight Sonata in 1801 and dedicated it to Countess Giulietta Guicciardi, a pupil of Beethoven. Shortly after their first few lessons, the two fell in love. After dedicating the Moonlight Sonata, it is believed that Beethoven proposed to her. Although she was willing to accept Beethoven’s proposal, forbiddance by one of her parents prevented her from marrying him.






الجمعة

بهائم

مرت أيام على التعديلات المشينة و لا أعرف لماذا يغشى الصمت و السكوت و السكون بعد الدوى الهائل لهذة الترقيعات أقصد التعديلات؟ أهو الخوف؟ أم أنه مجرد حدث و انتهى ككل الأشياء التى تحدث و تنتهى غير مأسوف عليها؟ أم أننا أصبحنا قطعان بهائم تساق الى المستقبل المجهول المليىء بالأحراش؟ لا رأى لنا و لا قرار. نعم هناك فراغ سياسى و غياب للهدف و انهيار الأحساس بالوطنية و الانتماء، و خيبة أمل و فساد فى القيادات. و لكن أيستحق الوطن منا كل هذا الجحود و النكران؟
لقد شاب الوطن الفتى على يد أبنائه. تمزق الشعور بالأنتماء و تقطعت أوصال الوطن و ألقيت الأشلاء فى كل مكان غير مأسوف عليه. كان وطنا مليئا بالحيوية قبل أن يتنكر له الأبناء و يبعوه بأرخص الأثمان. و تجد أشخاص يتحدثون عن المستقبل. أى مستقبل مشرق تتحدثون عنه و الواقع أسود؟؟ لقد أصبح المجتمع عاجزا. لا يقوى حتى على مجرد الكلام. أصيب المجتمع بجلطة أسفرت عن شلل تام
لم أعد أتعجب ممن يفتشون فى الماضى و يترحمون على البطولات بدلا من معالجة الحاضر المريض بمرض عضال و محاولة تحقيق واقع مناسب ، ناهيك عن الغرق فى الشعارات الزائفة كالعروبة و القومية- الله يرحمهم جميعا- تلك الشعارات الرنانة الطنانة التى غرق فيها الجميع شيوخا و شبابا و لا سبيل الى انقاذ اى منهم من براثن هذا الوهم، و ارتفعت الشعارات و الرايات و تكلمت الأفواه بكلمات براقة رفعت الهمم الى عنان السماء ثم ما لبثت أن تركتهم ليهوا جميعا الى أسفل السافلين . وتردى الواقع الذى نعيش فيه و فشلنا و ألقينا باللوم على الجميع دون أنفسنا و على الغرب الآثم الفاجر فنحن و بلا ريب حاملوا راية التقوى و الصلاح. فاذدهر الغرب الآثم الفاجر و تقهقر الشرق الصالح ووصل الى الحضيض. ومع كل هذا لم يحملوا أنفسهم مسئولية ما حدث و ما سيحدث
كلنا فاسدون. فاسدون لأننا رضينا بالذل و الهوان. فاسدون لأننا صمتنا على ذبح الوطن. فاسدون لأننا قبلنا الخضوع و الخنوع. فاسدون لأننا سكتنا عن الحق فأصبحنا شياطين خرساء. وتوارينا خلف الصمت المشين. رضينا بأن نكون مسيرين لا مخيرين رغم تكريم الله لنا بأن نكون مخيرين. فنزلنا من مراتب الانسانية الى تلك الكائنات التى لا حول لها ولا قوة. أصبحنا كما قال نجيب سرور
انا لتعجزنا الحياة
فنلومها .. لا عجزنا
ونروح نندب حظنا
ونقول: هذا العصر لم يخلق لنا
أو فى سطر أخر
قل بأن الناس قطعان بهائم
أو دمى عمياء
نعم نحن قطعان بهائم مسيرة و لم يتبق لنا الا الصمت بعد انتهاء العرض المشين وهذا حقا من شيم البهائم