الأحد

لا تدعوا الهوى


-أ-
ترفع رجلها عاليا. تدور فى خفة و رشاقة. تترك الأنغام تهدر فى سكون. سوناتة بيتهوفن الرابعة عشر. ألفها عندما فقد الحبيبة الى الأبد. ابنة القصر و الجاه و السلطان. وهو ابن العوام. رغم الموهبة و الشهرة. عقد وأمراض أصيب به المجتمع آنذاك. تسمع بكاؤه. تشعر بعظمة حزنه و ألمه. تجلس وهى تستمع بأهتمام الى الحركة الأخيرة. حركة الاأمل. حركة الحزن الأبدى. تجفف عرقها. تتنهد بعمق. تغلق المسجل
-ب-
تستيقظ مندهشة. كم لهذا الحلم من غرابة و قداسة فى الوقت ذاته!! الأميرة الحسناء تدلى شعرها الذهبى الطويل. لتنقذ الحبيب. تقول بصوت عال لا يخلو من القلق: لا تنظر ورائك. تتذكر أمر الله لسيدنا لوط بألا ينظر ورائه. تعترف بداخلها أنه أمر صعب للغاية. كم لهذا الرجل من ارادة قوية. تعشق الحكايات و القصص منذ الصغر. تقرأ لها أمها فتبدأ فى طرح الأسئلة. أسئلة بلا توقف و بلا إجابة. أهو أمر بعدم النظر الى الوراء ونبش الماضى و التطلع الى المستقبل؟ ممكن. تنفض الأسئلة عنها و تقوم. رائحة جميلة تغمر البيت. و نسائم الصبح الندية تهدر فى سكون. تستمع الى موسيقى الكون. رياح خفيفة تداعب أوراق الأشجار فى رقة و حنان. و تتمايل الأشجارطربا و نشوة. عصافير تغرد. و الشفق يغمر الكون بلون أحمر قانى. لتتمخض السماء أخيرا عن شمس الصباح الطرية. هواء منعش. مع برودة خفيفة. لكنها محتملة. لم يستيقظ أحدا بعد. لو نامت البشرية الى الأبد. مع استيقاظ البشر. تختفى موسيقى الكون و أسراره. إلا لمن يلحظها. أهمل الناس الطبيعة. ففقدوا السكون و الطمأنينة. يبحثون عنه - ذلك الشىء اللامرئى- فى كل مكان و مع كل شخص. تبدأ بتدريبات خفيفة. نفس الموسيقى. نفس الشعور. حزنه يطغى على المكان. تتذكر ما حدث لها. رغم المقاومة. تدمع العيون. ويغشى الصمت المكان


-ج-
اليوم مهم جدا. يوم اظهار البراعة أمام لجنة التحكيم. تكوى الفستان بعناية. هل سيحضر اليوم أم لا؟ سيل آخر من أسئلة لا ينقطع. تضع عوائق و مصدات لعل السيل يتوقف قليلا. تضع المكياج بدقة. كانت قد قصت شعرها. لا تتحمل خصلات الشعر تسقط على وجهها. وجه صغير و نحيل. باهت الى حد ما. تتأمل ملامح هذا الوجه. قسماته تنضح بالقلق. تسمع صوتا بداخلها يقول: لا تنظرى الى الوراء. نعم. لن أنبش الماضى. و سيمضى اليوم فى سلام
-د-
نفس الموسيقى. لكنها اليوم تتخلل المسام. تنفذ الى الشعور و الوجدان. و تتحقق أخيرا موسيقى الكون البديعة. لم يعد للماضى وجود. لم تعد هناك جدوى من النظر الى الوراء. تتذكر الأبيات البديعة
يا أيها العشاق
لا تدعوا الهوى
من قبل أن تجربوا الفراق
كم للحب من قداسة. وكم للفراق من ألم. أداء بديع و لا شك. تشعر بخفة الجسد. و بثقة لا حدود لها. لم يعد يهم رأى الحكام فيها. تتوقف الموسيقى. و يتوقف الاحساس. و يسكن الجسد



**الابيات البديعة للفارس نجيب سرور**
Beethoven composed the famous Moonlight Sonata in 1801 and dedicated it to Countess Giulietta Guicciardi, a pupil of Beethoven. Shortly after their first few lessons, the two fell in love. After dedicating the Moonlight Sonata, it is believed that Beethoven proposed to her. Although she was willing to accept Beethoven’s proposal, forbiddance by one of her parents prevented her from marrying him.






ليست هناك تعليقات: