السبت

مات الذين يختشون

يا دفتر الأرقام ما ثمنى؟
أنا مثل التراب بلا ثمن
لا شىء بالمجان غير الموت
لكن
لا مفر من الكفن
فقر.ذل. قهر. فقدان للهوية والشعور بالأنتماء. أمراض وعلل. خنوع وخضوع
كل ذلك ابتلينا به ولكن وصلت المهانة الى أن الحكومة تريد تسفير 120 ألف فتاة للعمل كخادمات فى دول الخليج. هذا ما وصلنا اليه. هذا نوع من المهانة اليومية التى يعيشها المصريون. تصدير الخادمات. أى عار هذا؟! ألا تخجلون من أنفسكم؟ أليست هناك ذرة من ضمير؟ كنا فى الماضى نصدر الفكر. كنا نصدر العقول لتبنى وتعمر وتنهض ببلادهم. والآن أصبحنا - ولا فخر- نصدر الرؤوس لتخدم وتذل وتهان. ما كل هذا الخزى والهوان؟
والمصيبة أن من اقترحت هذا إمرأة !! كيف رضيت بأهدار كرامة أمثالك من النساء و الفتيات المصريات؟!! كيف رضيت بأذلالهن هكذا؟
وما حاجة أهل الخليج لخادمات مصريات؟ وهم يمتلكون خدام وخادمات فليبينيات وغيرهم؟ بل و يستطيعون- ولا شك فى ذلك- تحمل نفاقاتهم، فلا هم فقراء و لا هم محدودى الدخل!! أم أن هذا امعانا فى ترسيخ الأحساس بالذل و الهوان والقهر؟ أم لكى يتفاخرون بنجاحهم أخيرا فى اذلال المصريين وامتلاكهم لهم وشرائهم بأموالهم - لا بارك الله لهم فيها؟ أيكون الفقر مبررا لأرتكاب هذة الفعلة الشنعاء؟ ألا تعى للأخطار التى ستتربص بهن؟ وماذا عن الانحرافات الأخلاقية التى ستحدث اذا ما تواجدن مع أولادهم الذكور فى مكان واحد؟
ضاعت الكرامة منذ زمن ونحن صامتون صمت مخزى. تحرش الذئاب بالفتيات فى عيد الفطر. وقامت الدنيا و تعالت الأصوات المنددة. وماذا فعلوا ازاء هذة الظاهرة الخطيرة؟ لا شىء. سوى مزيد من الصمت وتعاملوا مع الأمر كالنعامة التى تدفن رأسها فى التراب. أو بمبدأ "نطاطى لغاية أما الموجة تعدى". ضاعت كرامة الوطن فضاعت كرامة أبناؤه. أى دولة هذة التى تصدر خادمات؟ أين الكرامة والعزة؟؟ ألم يبقى لنا شىء لحفظ ماء الوجه؟
أين هى الأصوات؟ أم أننا أصبحنا صم وبكم وعميان؟؟ أم خارت قوى الأبدان؟ أم أصبحنا من هول الحياة موتى على قيد الحياة*؟
ولماذا نصدر للخليج على وجه التحديد؟ ألقلة أموالهم يحتاجون خادمات بسعر أقل؟ بالطبع لا فهم يتنعمون ويصرفون هنا وهناك فى البارات وصالات القمار وعلى النساء والخمر. ما الجدوى من المزيد من التنكيل بنا؟ أشعر أن الحكومة تتعامل معنا على أننا العدو أو كالوباء الذى لابد من القضاء عليه. كيف لنا بالحفاظ على عقولنا وسط هذا الهرج؟ أم من لا يعجبه فليذهب الى الجحيم أو الى مستشفى المجانين؟؟
الفقر ليس أبدا مبررا لمهانتنا وذلنا. الفقر لا يعنى الأنحراف. الفقر لا يعنى الأهانة
الحق قال الأولون: (مات الذين يختشون) ماتوا
وعاش الداعرون
الفاجرون
الأشعار لنجيب سرور*

ليست هناك تعليقات: