الاثنين

فى دايرة الرحلة


تمر علينا السنون. الواحد تلو الأخرى. كل شىء يمر سريعا. ونحن لا نلاحق هذا التتابع السريع. أفكر فيما فعلت فى حياتى. خمس وعشرون عاما قضيتها فى هذة الدنيا و لا أعرف اذا ما أبليت البلاء الحسن أم لا. أسأل نفسى أحيانا: من أين جئت بكل هذة الجرأة؟ لم أكن أتحلى بها فى السابق. فنحن العابرون مع العمر ومع الزمن نكتسب أشياء جديدة لم نكن أبدا نتصور أننا سنقوم بها. أفكر: أين الأنسان الآن فى تلك السنوات الغبراء؟ ضاع كل شىء. الهدوء. السكينة. الانسانية. الوصل الذى حلمنا دوما بأن يكون. نعيش فى مدينة الظلام و الظمأ والصخب. تضمنا ضمة قاسية مخيفة كضمة القبر المظلم. أتذكرأصوات أعجز عن نسيان انكسارها و أصوات هاجرت و تركت كل شىء ورائها و نسيت بمرور الزمن. و الحب الصادق الذى لا قيمة له. و أخطاءى و خسائرى. ولحظات السعادة التى تركت خطوطا شبه واضحة فى خريطة عمرى. و اللحظات الجميلة التى مرت على. لحظات توقف فيها الزمن و أصبح الكون بأسره ملكى. لماذا أتوق الآن إلى تلك اللحظات الدافئة؟ وحلمى الدائم أن أرى نصفى الآخر. إلى متى سأظل هكذا أبحث عن التغيير و أجده و لا أرغب فيه؟ إلى متى سأظل أتجاهل هذا الصوت النقى الواضح النابع من أعماقى؟
أتذكر لحظة انكسارى و بكاء نفسى البائسة. هذا البكاء الخفى العميق. أتذكر أناس تركوا بصمات فى حياتى و آخرون مروا مرور الكرام. السفر. الأصوات الدافئة. الموسيقى الندية. صديقتى التونسية. الوجوه. جيرانى. جلساتنا المليئة بالبهجة والحب والتى تقبع الان فى متحف الذكريات. التطلع إلى الحرية. المدينة المغايرة. الوحدة المنشودة. التخوم التى تفصل بيننا. عداء الأشقاء. وتحالف الاعداء. لحظات الألم و بلوغ الأسى ذروته. أتذكر مرض والدى. المستشفى. سرير المرض. حجرة العناية المركزة. تلك الحجرة الباردة. ومشاهد مليئة بالدموع. كل هذا مررت به. ولا زالت تحفر الذكريات جزءا كبيرا فى نفسى و تكوينى. تركت أثار غائرة، مؤلمة. أنظر إلى المرآة المهشمة فيظهر وجهى نصفان لا اعرف لأى نصف أنتمى أو أى نصف ينتمى إلى. وبدت ملامحى مشوهة و مبعثرة. أصيب وجهى بالشتات و الفرقة كالتى ابتلى بها البعض. يلملمون أجزاءهم المبعثرة علهم يحظون ببعض الأمان. علهم يصلون مدينتهم. قبرهم الكبير. بيوتهم المصمتة المنكسرة
الآن وضعت يدى على موضع الألم:

الحب.. الشقاء.. الانكسار

قلبى المعطوب و أحلامى التائهة

والحرية المنشودة المفقودة


والمجد للمجانين فى هذا العالم البليد- الفاجومى

هناك تعليقان (٢):

hamada يقول...

اصعب شىء ان يحس الانسان ان كل شىء حوله ليس له ثبوت او معاير ثابته حتى يظل الشىء جميلا كما هو فسرعان ما يتحول كل ما نظنه جميل الى مصدر للالم والحرقه

سلامٌ عليكِ يقول...

ساسو
من انتى؟ من اين اتيت؟
هل انتى توأمى التائه فى الحياة؟
الاسم والكلام والروح والتعابير كلها كأنها لي
كأنك أنا .. بكل شىء فيك
الاغتراب .. التوهة .. فقدان الاب
ولكن بما انى اكبر من قليلا
لا يسعنى الا ان اقول لكى انه بيدك ان تخرجى مما تشعرين به الان
بيدك السعادة
بيدك العمر
لا تضيعيه هباءا على ما فات
خذى من ماضيك أحلاه
أعانك اللهعلى ما انتى فيه